وهم - قصة رعب
هي القصة كاملة 😊
وهم ..
كانت الدماء تتدفق من كل مكان ؛ من الجدران من السقف من الاثاث من الهواء .. من كل مكان ..
استيقظت ببطئ على صوت المنبه ؛ نظرت حولها في الغرفة كان كل شيء كما هو ؛ قالت لنفسها : مجرد حلم مزعج .. ولكن لم انزعج ! ؛ ابتسمت بسخف .. جلست في سريرها وهي تشعر بثقل شديد في راسها ؛ يشدها للنوم مجددا .. قاومت ثقل النوم ..
هناك شيء ما يدفعنا للاستيقاظ ؛ يقاوم ثقل النوم والتعب وروتين الحياة المكرر ..
تناولت قليلا من المربى وشربت فنجان قهوة وخرجت للعمل ..
في الطريق ارسلت رسالتها المعتادة كل صباح الى خطيبها : (( صباحو حبي .. كيفك؟ اشتقتلك .. طمني عنك بس تقدر))
منذ اسبوع لم يهاتفها او يراسلها .. حيث هو كانت التغطية سيئة ولا يوجد كهرباء ؛ والمعارك هي السمة الرئيسية ...
.
في السيارة كان هناك امرأة تنظر اليها طوال الطريق .. بعينيها تارة حزن وتارة حدة وتارة ابتسامة .. وكأنها تحدثها وتستعطفها طوال الطريق
وصلت الى مكان عملها .. قامت بكل الافعال الآلية التي اعتادت عليها من توزيع السلامات والابتسامات على وجوه متعبة ؛ تدقيق اوراق لا طائل منها سوى الروتين ؛ وأخيرا العودة الى المنزل ...
عندما وصلت فوجئت بتلك المرأة تنتظرها عند باب البيت ..
حيتها المرأة ببرود ودخلت الشقة المجاورة لها ..
اه .. اذا هي جارتنا الجديدة ..
شعرت بالحماس قليلا .. فلربما وجود جارة جديدة سيضفي قليلا من الحيوية للبناء الابكم ..
سريعا وباتقان ؛ اعدت طعام الغداء ثم دعت الجارة الجديدة ؛ بدورها كانت ايضا اعدت بعض الحلويات الشعبية واحضرتها ليتناولاها بعد الغداء ..
شعرت بسعادة غامرة ؛ هناك جارة طيبة اعدت لها حلويات .. هناك من يفكر بها .. هناك من يهتم ...
قالت الجارة وهي تهم بالانصراف : تشرفت بمعرفتك انسة نسرين ..
ارادت ان تقول لها وانا كذلك ام احمد .. الا ان ما حدث للجارة اخرسها وقطع الحديث الودود..
سقطت ام احمد مغشيا عليها والدم يسيل من انفها ..
في المشفى كان التوتر يسيطر على مشاعرها ورائحة الكحول توخز الانف وتلك الممرات الطويلة تشعرها بالتعب لمجرد النظر اليها .. اتصلت بخطيبها عشر مرات .. لكن لا فائدة .. خارج التغطية !
موظفة المشفى تطلب منها معلومات عن جارتها ام احمد .. لكنها بالكاد تعرفت عليها
قالت الموظفة : فلننتظرها اذا لتصحو .. ابتسمت بلطف وانتقلت الى الزبون التالي لتناقش فاتورة ولادة زوجته وهو غاضب من ارتفاع التكاليف ..
توجهت لتطمأن على حالة ام احمد .. امسكت يدها بحنو وهي تقول في نفسها : مسكينة! .. من المؤسف ما حصل في لقاءنا الاول !
سحبت ام احمد يدها بين يدي نسرين بعنف ؛ ونظرت اليها بعينين حادتين وابتسامة لئيمة .. وقالت لها : سيكون هناك الكثير من اللقاءات السيئة يا عاهرة !
فزعت نسرين لغرابة وسرعة الموقف .. ثم خرجت لتنادي الطبيب .. الا ان دورية الشرطة كانت على باب الغرفة ..
نظر اليها الشرطي وقال : من انت؟ وكيف دخلت الى هنا؟؟
قالت : انا نسرين .. جارة ام احمد .. دخلت للاطمئنان عليها ..
نظر الشرطي بغرابة اليها .. فتح باب الغرفة ونظر بداخلها .. ثم قال : حمقاء انت؟
كان في الغرفة مجرم اصيب خلال دهم الشرطة مقره ..
نظرت نسرين داخل الغرفة .. والى الشرطي .. شعرت بأن كل شيء يطبق عليها .. ماذا حصل لي؟؟؟ لم تستطع ان تقول شيئا ..
صوت صفير جهاز نبضات القلب ثقب صمت الموقف .. وثقب اذنها معها ..
نظر اليها الشرطي بغضب : مجرمة !!
همت بالهرب الا ان العصا الكهربائية للشرطي كانت اسرع عندما صعقها في خاصرتها .. شعرت بنار تسري في جسدها ..
.
استيقظت بفزع وهي تصرخ : لم اقتل احدا .. لم اقتل احدا ..
العرق يتصبب منها ؛ كانت خاصرتها تؤلمها بشدة .. شربت قليلا من الماء .. كانت تشعر بثقل شديد في رأسها
رائحة دخان سجائر ثقيلة تملئ الغرفة .. وصوت اغنية لفيروز يأت من الصالون ..
شعرت بالفزع .. من في المنزل؟
نبضها يتسرع وتنفسها ثقيل .. اغنية فيروز تمر على مسمعها كالرصاص .. ارادت ان تعرف من في الصالون .. لقد سمعت شخصين يتحدثان بشكل متقطع ..
لم تعرف ماذا تفعل .. اقفلت باب الغرفة جيدا .. واسندته بكرسي ثقيل ؛ بحثت عن جوالها لقد كان في حقيبة يدها ..
امسكته بيدين ترتجفان وتدفقت دموعا ساخنة احرقت خديها ...
لقد كان على جوالها مكالمتين فائتتين من خطيبها .. اتصلت به .. انه يرن .. شعرت بفرح غامر .. صحيح انه بعيد لكن على الاقل لو حدث شيء سيء سيكون هو اخر من سمعت صوته وسمع صوتها ..
- الو ..
- حبيبي ..
- فقتي؟
- اي ..
- اي انا هون بالصالون ..
- ...
- الو؟؟ شبك ساكتة؟ مافي اهلين؟؟
- عنجد ؟ هي انت اللي بالصالون؟
- اي انا .. انو يلا ما بدك تطلعي او فوت انا؟ هههه
- يلا بس لالبس
.
ماذا يحصل لي؟؟ وتدفقت آلاف الاسئلة .. كيف دخل الى المنزل؟ لماذا لم يخبرني بقدومه؟ بالأصل كيف علم انني أسكن هنا؟
من معه في الصالون؟ لقد سمعته يحدث شخصا آخر ..
حاولت الانصات مجددا لتعرف من الشخص الاخر .. كانت الاغنية الفيروزية تشوش عليها كل شيء .. كانت اغنية غريبة ومختلفة
على حبك فتحولي عيوني ..
والتقينا وانحكى علينا ..
علموني حبك ولاموني ..
كانت موسيقى المزمار مختلفة .. كل شيء في الاغنية مختلف .. ثقيلة .. بعيدة جدا .. وكأن الاغنية تصدر من تحت الارض .. لم تكن فيروزية ..
قطع افكارها صوت خطيبها وهو يناديها من الصالون : يلا حبيبي .. شو صار معك؟ عرسنا مو هلق .. البسي بسرعة .. مافي داعي للفستان والمكياج ههههه
- يلا دقيقة وبجي ...
شعرت بالالم .. منذ اسبوع لم يهاتفها ولو برسالة .. خامرتها رغبة ان تعاقبه .. على غيابه على خوفها ؛ قلقها ؛ وحدتها ؛ ادمانها عشقه المستحيل ..
حسنا انه هنا حتما وهذا صوته .. ولا شيء آخر يهمني .. المهم ان أراه وليسقط العالم بعده في دوامة السؤال ..
.
فتحت باب غرفتها مسرعة والفرح يحاول ان يتسلل الى قلبها ..
لم يستطع الجلوس وان ينتظرها .. فكان يقف قرب غرفتها ...
صحيح هي بضعة امتار .. لكنها كيلومترات لو انتظرها كانه ضيف غريب ..
عانقته بحرارة لقد زال الالم من خاصرتها عندما التفت يداه حول خصرها .. امسك يدها يقبلها بشوق الاب لطفلته .. اقترب ليقبل شفتيها .. الا انها تذكرت ان هناك شخص ثالث معهما .. نظرت الى الصالة تبحث بعينيها مسرعة عنه ..
صرخت : أم أحمد !!!
وسقطت مغشيا عليها ..
كان الدوار يلهو برأسها وأعصابها كما يلهو طفل شقي بعصفورة صغيرة ..
ورغم تعبها كانت تسال عشرات الأسئلة فيزداد الوضع تعقيدا .. صمتت قليلا ...
نظر اليها جيدا بعينيه اللطيفيتين .. قال لها :
- سأعيد ترتيب الاحداث لك حتى تفهمي ما حصل ..
البارحة بعد الغداء أصابك ألم شديد في معدتك وفقدت وعيك .. ثم قامت هذه السيدة اللطيفة بمساعدتك لتستريحي في سريرك ..
نظرت نسرين الى ام احمد التي كانت تهز راسها وتبتسم بأسى
- يعني انا اللي غميت؟
- اي يا بنتي مدري شو صرلك ؛ بكون ضربة شمس او تعب ...
- اي ونمتي لليوم .. يعني تقريبا 16 ساعة .. دبة نوم صايرة هههه
الصبح الساعة 5 وصلت ؛ واخيرا تم فك الحصار مبارح ؛ فطلبت اجازة واجيت شوفك ..
- اي .. كيف عرفت العنوان؟
- هههه قلتلك اتصلت مرتين ؛ ما رديتي اتصلت بأمك .. ودلتني على العنوان واتفقنا انو نروح لزيارتها ظهر اليوم .. حلو البيت الجديد .. مبروك حبيبي
- تسلم ..
نظرت نسرين الى ام احمد والخوف يملئ قلبها ..
- البارحة تناولنا الغداء سويا؟
- اي بنتي ..
امسك حبيبها بيدها وقبل جبينها وقال : بعرف انك تعبانة حبيبي والضغط كبير .. اسف كتير .. شايفة الظرف ؛ كنت بمهمة واتحاصرنا .. ما عاد قدرت احكيكي ..
- المهم انك بخير
- ابتسمت ام احمد وقالت : ييي .. الله يخليكن لبعض
.
وضعت ام احمد القليل من الماء على يدها وارادت ان تمسح وجه نسرين .. ابعدتها نسرين بعنف ..
- روقي يا بنتي ..
تكورت على نفسها .. وقالت : اشتقت لماما .. من زمان ما حاكيتها
- بعين الله يا بنتي .. بعين الله
... فايق ع سهرة وكان في ليل وندي ..
والنار عم تغفى بحضن الموقدة ..
والعتوبة مسافرة .. وما في كلام
ولا هدي قلبك ولا قلبي هدي
- طفيها طفيها .. وجعني راسي .. اتركوني لحالي ...
قامت ام احمد باغلاق الموسيقى وخرجت ام الى المطبخ ..
- اتركوني لحالي ..
يا الله .. ما عم افهم شي ..
وذرفت دمعتين حارتين ..
نظرت الى صحن من الحلويات كان بقي من البارحة .. مدت يدها لتتناول قطعة منها ..
كانت القطعة يابسة وقاسية .. فجرحت لثتها .. بصقتها على الارض .. وشاهدت القليل من الدماء على القطعة .. شعرت بحاجتها للقيء ...
امسكت بالصحن ورمته الى الجدار ..
- يلعن ربكن .. يلعن رب هالعمر ..
هذا اليوم حتما مختلف .. قالت نسرين لنفسها ..
كل شيء مختلف فيه .. حتى صوت فيروز مختلف ..
يجب ان اهدئ قليلا .. من المعيب تصرفاتي .. سيكرهني خطيبي .. يجب ان اكون اكثر اتزانا ..
دخلت غرفتها لتصلح مكياجها .. عندما دخلت شقيقة خطيبها الغرفة ..
- هاااي .. شو عم تتمكيجي؟ امورك تمام معناها ...
- هلاا رانيا .. ايي اليوم اجى وبدنا نروح لعند امي نزورها ..
- اي .. بنزورها .. الك سنتين ما شفتيها
نظرت رانيا الى منفضة السجائر وهي ممتلئة ورماد السجائر متناثر على الطاولة .. فقالت لها : خففي دخان شوي .. الك سنة بهالعادة البشعة .. اذا مو مشان صحتك .. مشان سالم .. ما بحب الدخان ع فكرة
- معلش سمحلي دخن ..
خرجت رانيا واحضرت كاسا من الماء والدواء .. وقدمتهم الى نسرين ..
- لا تنسي الدوا ..
نظرت الى يد رانيا وهي تحمل ثلاث حبات من الدواء .. كانت يد رانيا مجعدة كعجوز في التسعين ... نظرت الى وجهها ..
- ماما؟
اخذت حبات الدواء وهي تبلعها ..
فدخل زوج أمها وهو يمسك عصا كبيرة وبدء بضرب امها ..
- بدي مصاري يا عاهرة .. وين مخبايتيهن ..
جلست نسرين على سريرها .. لقد اعتادت على هذا الامر .. يأت زوج امها باحثا عن المال ويبدء بضرب والدتها اذا لم يجده .. يريد شراء الحشيش ..
قالت لنفسها : فلتتحمل امي هذا العذاب .. هي من اختارته زوجا بعد وفاة ابي .. لن اتخلى عن سالم ولن اتزوج بغيره كما فعلت امي ..
استمر الزوج بضرب زوجته .. رغم انها اعطته المال كله .. لم يتوقف ..
...
كانت الدماء تتدفق من كل مكان ؛ من الجدران من السقف من الاثاث من الهواء .. من كل مكان ..
استيقظت بهدوء .. ورغبة النوم تثقل رأسها .. امسكت جوالها .. لتكتب رسالتها المعتادة كل صباح الى خطيبها : (( صباحو حبي .. كيفك؟ اشتقتلك .. طمني عنك بس تقدر))
عندها اهتز بصمت هاتف رانيا .. ذرفت دمعتين حزينتين .. وضمت نسرين ..
- بسيطة يا روحي .. هو بخير .. بخير
#وهم
وهم ..
كانت الدماء تتدفق من كل مكان ؛ من الجدران من السقف من الاثاث من الهواء .. من كل مكان ..
استيقظت ببطئ على صوت المنبه ؛ نظرت حولها في الغرفة كان كل شيء كما هو ؛ قالت لنفسها : مجرد حلم مزعج .. ولكن لم انزعج ! ؛ ابتسمت بسخف .. جلست في سريرها وهي تشعر بثقل شديد في راسها ؛ يشدها للنوم مجددا .. قاومت ثقل النوم ..
هناك شيء ما يدفعنا للاستيقاظ ؛ يقاوم ثقل النوم والتعب وروتين الحياة المكرر ..
تناولت قليلا من المربى وشربت فنجان قهوة وخرجت للعمل ..
في الطريق ارسلت رسالتها المعتادة كل صباح الى خطيبها : (( صباحو حبي .. كيفك؟ اشتقتلك .. طمني عنك بس تقدر))
منذ اسبوع لم يهاتفها او يراسلها .. حيث هو كانت التغطية سيئة ولا يوجد كهرباء ؛ والمعارك هي السمة الرئيسية ...
.
في السيارة كان هناك امرأة تنظر اليها طوال الطريق .. بعينيها تارة حزن وتارة حدة وتارة ابتسامة .. وكأنها تحدثها وتستعطفها طوال الطريق
وصلت الى مكان عملها .. قامت بكل الافعال الآلية التي اعتادت عليها من توزيع السلامات والابتسامات على وجوه متعبة ؛ تدقيق اوراق لا طائل منها سوى الروتين ؛ وأخيرا العودة الى المنزل ...
عندما وصلت فوجئت بتلك المرأة تنتظرها عند باب البيت ..
حيتها المرأة ببرود ودخلت الشقة المجاورة لها ..
اه .. اذا هي جارتنا الجديدة ..
شعرت بالحماس قليلا .. فلربما وجود جارة جديدة سيضفي قليلا من الحيوية للبناء الابكم ..
سريعا وباتقان ؛ اعدت طعام الغداء ثم دعت الجارة الجديدة ؛ بدورها كانت ايضا اعدت بعض الحلويات الشعبية واحضرتها ليتناولاها بعد الغداء ..
شعرت بسعادة غامرة ؛ هناك جارة طيبة اعدت لها حلويات .. هناك من يفكر بها .. هناك من يهتم ...
قالت الجارة وهي تهم بالانصراف : تشرفت بمعرفتك انسة نسرين ..
ارادت ان تقول لها وانا كذلك ام احمد .. الا ان ما حدث للجارة اخرسها وقطع الحديث الودود..
سقطت ام احمد مغشيا عليها والدم يسيل من انفها ..
في المشفى كان التوتر يسيطر على مشاعرها ورائحة الكحول توخز الانف وتلك الممرات الطويلة تشعرها بالتعب لمجرد النظر اليها .. اتصلت بخطيبها عشر مرات .. لكن لا فائدة .. خارج التغطية !
موظفة المشفى تطلب منها معلومات عن جارتها ام احمد .. لكنها بالكاد تعرفت عليها
قالت الموظفة : فلننتظرها اذا لتصحو .. ابتسمت بلطف وانتقلت الى الزبون التالي لتناقش فاتورة ولادة زوجته وهو غاضب من ارتفاع التكاليف ..
توجهت لتطمأن على حالة ام احمد .. امسكت يدها بحنو وهي تقول في نفسها : مسكينة! .. من المؤسف ما حصل في لقاءنا الاول !
سحبت ام احمد يدها بين يدي نسرين بعنف ؛ ونظرت اليها بعينين حادتين وابتسامة لئيمة .. وقالت لها : سيكون هناك الكثير من اللقاءات السيئة يا عاهرة !
فزعت نسرين لغرابة وسرعة الموقف .. ثم خرجت لتنادي الطبيب .. الا ان دورية الشرطة كانت على باب الغرفة ..
نظر اليها الشرطي وقال : من انت؟ وكيف دخلت الى هنا؟؟
قالت : انا نسرين .. جارة ام احمد .. دخلت للاطمئنان عليها ..
نظر الشرطي بغرابة اليها .. فتح باب الغرفة ونظر بداخلها .. ثم قال : حمقاء انت؟
كان في الغرفة مجرم اصيب خلال دهم الشرطة مقره ..
نظرت نسرين داخل الغرفة .. والى الشرطي .. شعرت بأن كل شيء يطبق عليها .. ماذا حصل لي؟؟؟ لم تستطع ان تقول شيئا ..
صوت صفير جهاز نبضات القلب ثقب صمت الموقف .. وثقب اذنها معها ..
نظر اليها الشرطي بغضب : مجرمة !!
همت بالهرب الا ان العصا الكهربائية للشرطي كانت اسرع عندما صعقها في خاصرتها .. شعرت بنار تسري في جسدها ..
.
استيقظت بفزع وهي تصرخ : لم اقتل احدا .. لم اقتل احدا ..
العرق يتصبب منها ؛ كانت خاصرتها تؤلمها بشدة .. شربت قليلا من الماء .. كانت تشعر بثقل شديد في رأسها
رائحة دخان سجائر ثقيلة تملئ الغرفة .. وصوت اغنية لفيروز يأت من الصالون ..
شعرت بالفزع .. من في المنزل؟
نبضها يتسرع وتنفسها ثقيل .. اغنية فيروز تمر على مسمعها كالرصاص .. ارادت ان تعرف من في الصالون .. لقد سمعت شخصين يتحدثان بشكل متقطع ..
لم تعرف ماذا تفعل .. اقفلت باب الغرفة جيدا .. واسندته بكرسي ثقيل ؛ بحثت عن جوالها لقد كان في حقيبة يدها ..
امسكته بيدين ترتجفان وتدفقت دموعا ساخنة احرقت خديها ...
لقد كان على جوالها مكالمتين فائتتين من خطيبها .. اتصلت به .. انه يرن .. شعرت بفرح غامر .. صحيح انه بعيد لكن على الاقل لو حدث شيء سيء سيكون هو اخر من سمعت صوته وسمع صوتها ..
- الو ..
- حبيبي ..
- فقتي؟
- اي ..
- اي انا هون بالصالون ..
- ...
- الو؟؟ شبك ساكتة؟ مافي اهلين؟؟
- عنجد ؟ هي انت اللي بالصالون؟
- اي انا .. انو يلا ما بدك تطلعي او فوت انا؟ هههه
- يلا بس لالبس
.
ماذا يحصل لي؟؟ وتدفقت آلاف الاسئلة .. كيف دخل الى المنزل؟ لماذا لم يخبرني بقدومه؟ بالأصل كيف علم انني أسكن هنا؟
من معه في الصالون؟ لقد سمعته يحدث شخصا آخر ..
حاولت الانصات مجددا لتعرف من الشخص الاخر .. كانت الاغنية الفيروزية تشوش عليها كل شيء .. كانت اغنية غريبة ومختلفة
على حبك فتحولي عيوني ..
والتقينا وانحكى علينا ..
علموني حبك ولاموني ..
كانت موسيقى المزمار مختلفة .. كل شيء في الاغنية مختلف .. ثقيلة .. بعيدة جدا .. وكأن الاغنية تصدر من تحت الارض .. لم تكن فيروزية ..
قطع افكارها صوت خطيبها وهو يناديها من الصالون : يلا حبيبي .. شو صار معك؟ عرسنا مو هلق .. البسي بسرعة .. مافي داعي للفستان والمكياج ههههه
- يلا دقيقة وبجي ...
شعرت بالالم .. منذ اسبوع لم يهاتفها ولو برسالة .. خامرتها رغبة ان تعاقبه .. على غيابه على خوفها ؛ قلقها ؛ وحدتها ؛ ادمانها عشقه المستحيل ..
حسنا انه هنا حتما وهذا صوته .. ولا شيء آخر يهمني .. المهم ان أراه وليسقط العالم بعده في دوامة السؤال ..
.
فتحت باب غرفتها مسرعة والفرح يحاول ان يتسلل الى قلبها ..
لم يستطع الجلوس وان ينتظرها .. فكان يقف قرب غرفتها ...
صحيح هي بضعة امتار .. لكنها كيلومترات لو انتظرها كانه ضيف غريب ..
عانقته بحرارة لقد زال الالم من خاصرتها عندما التفت يداه حول خصرها .. امسك يدها يقبلها بشوق الاب لطفلته .. اقترب ليقبل شفتيها .. الا انها تذكرت ان هناك شخص ثالث معهما .. نظرت الى الصالة تبحث بعينيها مسرعة عنه ..
صرخت : أم أحمد !!!
وسقطت مغشيا عليها ..
كان الدوار يلهو برأسها وأعصابها كما يلهو طفل شقي بعصفورة صغيرة ..
ورغم تعبها كانت تسال عشرات الأسئلة فيزداد الوضع تعقيدا .. صمتت قليلا ...
نظر اليها جيدا بعينيه اللطيفيتين .. قال لها :
- سأعيد ترتيب الاحداث لك حتى تفهمي ما حصل ..
البارحة بعد الغداء أصابك ألم شديد في معدتك وفقدت وعيك .. ثم قامت هذه السيدة اللطيفة بمساعدتك لتستريحي في سريرك ..
نظرت نسرين الى ام احمد التي كانت تهز راسها وتبتسم بأسى
- يعني انا اللي غميت؟
- اي يا بنتي مدري شو صرلك ؛ بكون ضربة شمس او تعب ...
- اي ونمتي لليوم .. يعني تقريبا 16 ساعة .. دبة نوم صايرة هههه
الصبح الساعة 5 وصلت ؛ واخيرا تم فك الحصار مبارح ؛ فطلبت اجازة واجيت شوفك ..
- اي .. كيف عرفت العنوان؟
- هههه قلتلك اتصلت مرتين ؛ ما رديتي اتصلت بأمك .. ودلتني على العنوان واتفقنا انو نروح لزيارتها ظهر اليوم .. حلو البيت الجديد .. مبروك حبيبي
- تسلم ..
نظرت نسرين الى ام احمد والخوف يملئ قلبها ..
- البارحة تناولنا الغداء سويا؟
- اي بنتي ..
امسك حبيبها بيدها وقبل جبينها وقال : بعرف انك تعبانة حبيبي والضغط كبير .. اسف كتير .. شايفة الظرف ؛ كنت بمهمة واتحاصرنا .. ما عاد قدرت احكيكي ..
- المهم انك بخير
- ابتسمت ام احمد وقالت : ييي .. الله يخليكن لبعض
.
وضعت ام احمد القليل من الماء على يدها وارادت ان تمسح وجه نسرين .. ابعدتها نسرين بعنف ..
- روقي يا بنتي ..
تكورت على نفسها .. وقالت : اشتقت لماما .. من زمان ما حاكيتها
- بعين الله يا بنتي .. بعين الله
... فايق ع سهرة وكان في ليل وندي ..
والنار عم تغفى بحضن الموقدة ..
والعتوبة مسافرة .. وما في كلام
ولا هدي قلبك ولا قلبي هدي
- طفيها طفيها .. وجعني راسي .. اتركوني لحالي ...
قامت ام احمد باغلاق الموسيقى وخرجت ام الى المطبخ ..
- اتركوني لحالي ..
يا الله .. ما عم افهم شي ..
وذرفت دمعتين حارتين ..
نظرت الى صحن من الحلويات كان بقي من البارحة .. مدت يدها لتتناول قطعة منها ..
كانت القطعة يابسة وقاسية .. فجرحت لثتها .. بصقتها على الارض .. وشاهدت القليل من الدماء على القطعة .. شعرت بحاجتها للقيء ...
امسكت بالصحن ورمته الى الجدار ..
- يلعن ربكن .. يلعن رب هالعمر ..
هذا اليوم حتما مختلف .. قالت نسرين لنفسها ..
كل شيء مختلف فيه .. حتى صوت فيروز مختلف ..
يجب ان اهدئ قليلا .. من المعيب تصرفاتي .. سيكرهني خطيبي .. يجب ان اكون اكثر اتزانا ..
دخلت غرفتها لتصلح مكياجها .. عندما دخلت شقيقة خطيبها الغرفة ..
- هاااي .. شو عم تتمكيجي؟ امورك تمام معناها ...
- هلاا رانيا .. ايي اليوم اجى وبدنا نروح لعند امي نزورها ..
- اي .. بنزورها .. الك سنتين ما شفتيها
نظرت رانيا الى منفضة السجائر وهي ممتلئة ورماد السجائر متناثر على الطاولة .. فقالت لها : خففي دخان شوي .. الك سنة بهالعادة البشعة .. اذا مو مشان صحتك .. مشان سالم .. ما بحب الدخان ع فكرة
- معلش سمحلي دخن ..
خرجت رانيا واحضرت كاسا من الماء والدواء .. وقدمتهم الى نسرين ..
- لا تنسي الدوا ..
نظرت الى يد رانيا وهي تحمل ثلاث حبات من الدواء .. كانت يد رانيا مجعدة كعجوز في التسعين ... نظرت الى وجهها ..
- ماما؟
اخذت حبات الدواء وهي تبلعها ..
فدخل زوج أمها وهو يمسك عصا كبيرة وبدء بضرب امها ..
- بدي مصاري يا عاهرة .. وين مخبايتيهن ..
جلست نسرين على سريرها .. لقد اعتادت على هذا الامر .. يأت زوج امها باحثا عن المال ويبدء بضرب والدتها اذا لم يجده .. يريد شراء الحشيش ..
قالت لنفسها : فلتتحمل امي هذا العذاب .. هي من اختارته زوجا بعد وفاة ابي .. لن اتخلى عن سالم ولن اتزوج بغيره كما فعلت امي ..
استمر الزوج بضرب زوجته .. رغم انها اعطته المال كله .. لم يتوقف ..
...
كانت الدماء تتدفق من كل مكان ؛ من الجدران من السقف من الاثاث من الهواء .. من كل مكان ..
استيقظت بهدوء .. ورغبة النوم تثقل رأسها .. امسكت جوالها .. لتكتب رسالتها المعتادة كل صباح الى خطيبها : (( صباحو حبي .. كيفك؟ اشتقتلك .. طمني عنك بس تقدر))
عندها اهتز بصمت هاتف رانيا .. ذرفت دمعتين حزينتين .. وضمت نسرين ..
- بسيطة يا روحي .. هو بخير .. بخير
#وهم
تعليقات
إرسال تعليق